السبت، 22 سبتمبر 2018

من أطلق رصاصة الرحمة على الدراما السورية؟




يبدو بوضوح لأي متابع للشأن الدرامي أن صناعة الدراما السورية تلفظ اليوم أنفاسها الأخيرة بعد مواسم طويلة من المرض و التعثّر فانفخاض كمية الإنتاج و رداءة المستوى و صعوبات التسويق هي، بلا شكّ، أعراض مرض عضال يساهم أطباء هذه الدراما، من منتجين أولاً و نجوم و مخرجين ثانياً، بتعزيزه و تقويته ليلتهم جسد صناعة تقتات عليها آلاف الأسر فاللامبالاة و غياب الحسّ بالمسؤولية و التعاطي مع الصناعة بطريقة المحاباة و غياب الرؤية الاستراتيجية و القدرة على قراءة واقع السوق و الفضائيات العربية و ميول الجمهور المستهدف و الفساد المستشري و الموغل عميقاً حتى أدّق التفاصيل هي كلها مقدّمات تأخذ مفعولها موسماً وراء موسم و ستؤدي في النهاية لنتيجتها المحتومة و هي زوال هذه الصناعة وصولاً لإنتاج مسلسل أو اثنين كحدّ أقصى.
رغم كل الدعوات التي أطلقها نقّاد و صحافيون و فنانون لإنقاذ هذه الصناعة إلا أن الآذان ترفض الإصغاء و تفضّل أن تُطرَب لطروحات و مشاريع تجاوزها الزمن و المنطق أما الأذهان فقد أحجمت، و ما تزال، عن إدراك حقيقة واضحة و بسيطة مفادها أن اللذين ساهموا بتراجع المستوى الفني و الفكري للدراما لا يمكن لهم إنقادها و أكبر دليل على ذلك تجربة الدراما المصرية، التي واكبتها خلال سنوات دراستي في معهد السينما بالقاهرة، فهذه الدراما رفضت الاستكانة لسوقها المحلي لتسويق و تصريف نتاجاتها، رغم قدرته الأكيدة على تغطية الصناعة، و استقدمت كتّاب و مخرجين جدد أنجزوا مسلسلات استطاعت فرض حضورها على كل الفضائيات العربية بلا استثناء بسبب الجودة و مواكبة التطور التكنولوجي على صعيد الصورة و (شكل) المسلسل و التطور الفني على صعيد آليات السرد أما عندنا فما يزال الجزء الأكبر من مسلسلاتنا ينتمي لعصر ما قبل سنة 2010 على الصعيد الفني و الفكري و لا يبدو أنه ثمّة نية حتى عند المنتجين اللذين يمكن المراهنة عليهم لتحسين هذه النتاجات فالكل يفضّل الركون إلى المجرّب علماً أن هذا المجرّب أودى بالنهاية إلى شبه انهيار كامل لهذه الصناعة بلغ ذروته في الموسم الحالي و الحقيقة الأكيدة أن منتجوا القطاع الخاص اللذين كان لهم الفضل قبل سنوات عديدة في إنجاح تجربة الدراما السورية و ترسيخها هم أنفسهم اللذين يدّقون المسامير الأخيرة في نعشها اليوم بسبب تخوفهم من المراهنة على نصوص و عناصر فنية قادرة على المنافسة عربياً و على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صناعة 
.مهددة بالانهيار التام


عمرو علي
25 / 1 / 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق