الخميس، 16 فبراير 2017

"مخرج على الطريق".. فنجان قهوة مع خان!

                          

أنهيت منذ أيام قراءة "مخرج على الطريق" الذي يضم حصيلة ما كتبه المخرج الكبير محمد خان من مقالات سبق أن نشرت في صحف مصرية و عربية عدة و الحقيقة أن النتيجة التي يخرج بها قارئ الكتاب تتفق تماماً مع التقديم الذي أورده طارق الشناوي و الذي جاء فيه ما معناه أن تجربة قراءة هذا الكتاب لا تقل عن تجربة مشاهدة الأفلام التي وقعها خان و أن قراءة مقالاته هي شرط ضروري لفهم أكبر و أشمل لعالم هذا السينمائي القدوة. في أوائل 2012 شهدت سينماراً ألقاه خان في معهد السينما خلال فترة دراستي هناك و قد سُعدت أثناء قراءة الكتاب بإعادة اكتشافي و تمعني بالعديد من المواقف و الحواديت التي ذكرها الراحل في محاضرته بدءً من تجربته بالعمل كمساعد للإخراج في أفلام مصرية لبنانية مشتركة في بيروت السبعينيات الرابضة على عتبة حربها الأهلية مروراً بسفره إلى لندن في محاولة للحاق بقصة حب أينعت بذورها الأولى في بيروت ثم إلى صدامه مع أحد ضباط الشرطة في ميدان التحرير و هو الصدام الذي أومض في ذهنه فكرة فيلم "زوجة رجل مهم" فيما بعد و أيضاً إلى علاقاته بنادية شكري و عاطف الطيب و شركة "أفلام الصحبة" و مشروع مطعم الفلافل في لندن و الذي أبدى "صلاح أبو سيف" استعداده للمشاركة فيه وصولاً إلى هبوب ثورة الديجيتال في مطلع الألفية و شغفه للعمل بالكاميرا الخفيفة كوسيلة للنجاة من تحكم حيتان السينما التلقيدية من منتجين و موزعين و احتكارهم للعمل السينمائي بشكل شبه كامل و ما أثمر عنه ذلك الشغف من أفلام مثل "كليفتي" و "بنات وسط البلد" و أخيراً رائعته "فتاة المصنع" الذي قدر لي أن أشاهده مرتين ضمن عروض المهرجان القومي للسينما المصرية سنة 2014.
إذا كان النقاد و الباحثون يعتبرون أن السينما المستقلة قد بدأت بعد سنة 2005 مع أفلام إبراهيم بطوط و مجايليه فالحقيقة هي أنها قد بدأت فعلياً منذ فيلم خان الأول "ضربة شمس" و أخذت تجدّد شبابها و تصون رونقها مع كل فيلم جديد من أفلام خان منذ "الرغبة" إلى "زوجة رجل مهم" و "موعد على العشاء" و انتهاءً "بفتاة المصنع" و الحقيقة أن كتاب "مخرج على الطريق" هو نافذة أمل يطل منها السينمائيون الشباب على عوالم سينمائي قدوة لم يعرف الملل أو الكلل في معركته مع السينما التجارية التقليدية و آلية إنتاجها المعتمدة على المقاولة و يتجلّى الأمل تحديداً في المقالات التي كتبها عن الديجيتال و عن السينما المستقلة التي رأى فيها دائماً طوق النجاة من قيود الواقع الغارق في وحل الاستهلاك السريع و دورات رأس المال الخاطفة و رغم ذلك تحسب قيمة هذا الكتاب بقدر ما يثيره من متعة و دفء و ما ينقله من تفاصيل تجربة إنسانية و فنية فريدة فإذا كان الكتاب جلسة حوار بين كاتبه و قارئه فكتاب "مخرج على الطريق" هو جلسة بوح طويلة بين قارئ و مخرج اعتاد التكيّف على مدى عقود مع الآمال و الأحلام و الوقائع و تطور التكنولوجيا الجارف و هو حقاً فسحة أمل و دفعة شديدة التأثير نحو المستقبل!


عمرو علي
12 / 2 / 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق