الاثنين، 15 أكتوبر 2018

أفلام ورشة الدراما من أجل التغيير الاجتماعي في المهرجانات العربية!



تمًّ مؤخراً عرض فيلمين من بين مجموعة أفلام قصيرة هي حصيلة ورشة الدراما من أجل التغيير الاجتماعي من تنظيم منظمتيّ مدني و البحث عن أرضية مشتركة و هما الحبل السرّي من تأليف رامي كوسا و إخراج الليث حجو الذي حجز لنفسه مكاناً هاماً وسط منافسة صعبة في مهرجان الجونة، و خيمة 56 من تأليف سندس ابراهيم و إخراج سيف الشيخ نجيب الذي حصد قبل أيام جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط بينما ما تزال بقية الأفلام تنتظر عروضها الأولى في المهرجانات خلال الفترة القادمة.
عُقِدَت الورشة في بيروت بين يوليو و سبتمبر 2017 و ضمّت عدداً من كتَّاب السيناريو اللذين توزعوا على مجموعتين منفصلتين عمل مع كل منهما السيناريست الهولندي براندون أوليفسه على تطوير مشاريع أفلام روائية قصيرة أنجز بعضها على مدى السنة الفائتة مخرجون انضموا للورشة خلال اللقاءات التشاورية التي نُظِمَت بعد انتهاء جدول الأعمال و تمخض هذا المشروع بالمحصلة عن إنتاج اثني عشر فيلم قصير، من قبل الجهتين المنظمتين للورشة بدعم من الإتحاد الأوروبي و بعض شركات القطاع الخاص، أنجزها الليث حجو، سؤود كعدان، واحة الراهب، سيف الشيخ نجيب، رافي وهبي، ماهر صليبي، اسماعيل ديركي، جمال سلوم، مجد الزغير، سفيناز محمد و كريم قبراوي كما أنجزتُ فيلمي اليقظة ضمن هذا المشروع و كنت واحداً من اللذين آثروا كتابة و إخراج أفلامهم بأنفسهم طالما لهم تجارب سابقة في هذا المجال، و إن كانت الأفلام جميعها تدور حول قضية المرأة السورية في ظل الحرب إلا أنها جاءت ضمن معالجات اختلفت باختلاف رؤى صنَّاعها لا سيما أنهم ينتمون لأجيال و تجارب مختلفة ففي الحبل السرّي، على سبيل المثال، ثمّة امرأة توشك على الولادة و تعجز عن مغادرة بيتها الواقع في جبهة قتال يسيطر عليها قنَّاص، أما في جدايل لإسماعيل ديركي فتحاول الأم الهرب مع ابنتها من مدينتها الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة وسط رحلة قد تودي بحياتهما، و في اليقظة امرأة تترك زوجها الذي يخطط لزواج جديد بعد أن يبيع فستان زفافها لتغطية تكاليف العرس، و الحقيقة أن أهمية هذا المشروع تتأتى من كونه شكّل فرصة للتواصل و الاحتكاك بين صنَّاع الأفلام، و معظمهم من العاملين في الدراما التلفزيونية بالأصل، و المشرفين على ورشة العمل بخبراتهم القيّمة إلى جانب بعض ناشطي المجتمع المدني و الباحثين اللذين قدموا مداخلات حول واقع المرأة السورية و رؤيتهم للدور الذي قد تضطلع به السينما و الدراما في هذا الصدد و هذه واحدة من حالات الحوار النادر أصلاً بين صنَّاع الأعمال الفنية و ممثلي تيارات ناشطة في المجتمع دون أن نغفل ما يمثّله إنتاج هذا الكم الكبير من الأفلام القصيرة من رفد و دعم للسينما السورية خاصة حين يتم هذا الإنتاج وفق شروط احترافية تناسب طبيعة و ضرورات العمل السينمائي و هذه طريقة إنتاج شبه غائبة بالنسبة للسينمائيين اللذين ينجزون أفلامهم في سوريا حيث ما تزال شركات الإنتاج الخاصة تحجم عن دعم السينما و ما تزال المنظمات و الهيئات القادرة على القيام بهذه المهمة تنأى بنفسها بعيداً عن هذه المشاريع فالثابت أن البلاد لم تشهد منذ انتهاء مشروع منح الأفلام القصيرة التي قُدِمَت في إطار احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية سنة 2008 أيّة فعاليات أو نشاطات لإنتاج أفلام قصيرة احترافية قادرة على الحضور و المنافسة في المهرجانات و رغم الأهمية التي يوليها البعض لمشروع دعم سينما الشباب الذي أطلقته مؤسسة السينما قبل بضع سنوات إلا أنه يتضح برؤية موضوعية لهذا المشروع و لنتائجه عجزه عن إنجاز أفلام جيّدة المستوى نظراً لتواضع قيمة المنحة و تردي شروط العمل و هذا ربما يفسر جانباً من أسباب غياب الأفلام القصيرة الجيّدة عن قائمة إنتاجات المؤسسة خلال السنوات الأخيرة عكس ما كان سائداً في السابق لمّا كان مهرجان دمشق فرصة لمشاهدة أفلام سورية قصيرة تحمل الكثير من القيمة و البلاغة السينمائية استطاعت إثبات أهميتها في مهرجانات كبيرة و حصلت على جوائز رفيعة و حققت للسينما السورية سمعة متميّزة و الأكيد أن تردي واقع الإنتاج في سوريا ليس مبرراً مقنعاً لتقاعس المخرجين عن السعي و البحث لتأمين مصادر إنتاج و تمويل لم يعد الوصول إليها اليوم شديد الصعوبة و ذلك على غرار ما يفعله سينمائيون مصريون و عرب من أصحاب المشاريع السينمائية الهامة و الجادة و بالعودة إلى مشروع ورشة الدراما من أجل التغيير الاجتماعي تتضح بالنتيجة، مهرجاناً وراء مهرجان، أهمية هذا المشروع بما تحققه الأفلام المُنتَجة في إطاره من سمعة جيّدة و استحسان نقدي بيّن كما تعد الأفلام التي لم تُعرَض بعد بمزيد من التميّز و التوهج، فما الذي تريده أيّة سينما أكثر من ذلك؟

عمرو علي
2018 / 10 / 15

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق